مرضى الفشل الكلوي في شمال سوريا.. في دائرة الخطر مجدداً
رغم الهدوء النسبي للحرب في الشمال السوري خلال العامين الماضيين إلا أن أثارها السلبية ماتزال قائمة وتتجه لمزيد من التعقيد، ولعل الواقع الصحي المتردي للإنسان القاطن في الشمال السوري من أبرز النتائج الكارثية لهذه الحرب، ويتضح هذا المشهد المأساوي بشكل جلي لدى الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة.
قصص المعاناة في الشمال السوري كثيرة، ومن أشدها قسوة تراجع الخدمات المقدمة لمرضى الفشل الكلوي، فيوماً بعد يوم تتفاقم هذه المشكلة ، وبات الوضع معقداً جداً، فالمراكز المتخصصة بغسل الكلى في تلك المنطقة أغلق البعض منها أبوابه بسبب انتهاء المشاريع المشغلة لهذه المراكز، وأخرى مازالت تقاوم وتعمل بشكل تطوعي وباتت على وشك الاغلاق.
ورغم هذه الظروف الصعبة وشح الدعم يواصل مركز الأمين الطبي في أريحا عمله بكافة الأقسام والتخصصات ويقدم خدماته لآلاف المرضى شهرياً لاسيما مرضى الفشل الكلوي ، وحتى الآن مازال المركز يقدم خدمات طبية مجانية لهؤلاء المرضى، وباشراف كادر طبي متكامل.
ويعتبر مركز الغسيل الكلوي شريان الحياة بالنسبة لعشرات المرضى الذين يقصدون المركز بشكل دوري، ويقدم المركز مئات الجلسات المجانية في الوقت الذي بات فيه غسيل الكلى غاية في الصعوبة، لاسيما أن مراكز غسيل الكلى تحتاج لكلف تشغيلية ضخمة بداية من الإمدادات اللوجستية، وسيارات نقل المرضى الذين يقيمون في مناطق بعيدة عن المركز وصولاً إلى الأجهزة والأدوية باهظة الثمن ، ومن المعلوم أن الجلسة الواحدة للمريض تكلف قرابة الثلاثين دولار أمريكي، وهو ما يعجز عنه معظم المرضى في منطقة يعيش معظم سكانها فقراً مدقعاُ حسب تقارير أممية.
السيدة سامية كانت واحدة من المستفيدات اللواتي سجلن أولى زياراتهن في شهر يناير الفائت، بعد أن توقفت عن الذهاب لإحدى مراكز الغسيل الكلوي شمال سوريا بسبب تعليق عمله، مابين جلستين و3 جلسات أسبوعياً تخضع السيدة سامية لجلسة غسيل الكلى في مركز الغسيل الكلوي في اريحا، يراقبها زوجها بعناية لأكثر من 3 ساعات ونصف الساعة في كل مرة، يطمئنها أحياناً ويشدُ على عُضدها دائماً ويعدها بأن تكون بصحة أفضل وواقع أفضل، وفي الجانب الآخر يشد مركز الأمين بكوادره وفنييه على عُضد سامية وكافة المرضى، ليتلقوا أفضل خدمات الرعاية بأفضل المعايير .
إن تفاقم الوضع الصحي لمرضى الكلى يضع الجهات المانحة للقطاع الطبي، أمام مسؤولية كبيرة بضرورة الاستجابة السريعة لهذه النداءات، والمبادرة بتمويل مشاريع تشغليية لهذه المراكز، وإنقاذ حياة هؤلاء المرضى وتخفيف معاناتهم..
ومن الجدير بالذكر أن الأطباء يشيرون إلى إمكانية تزايد عدد الإصابات بمرض الفشل الكلوي في الشمال السوري نتيجة تلوث مياه الشرب والإفراط في استخدام الأدوية المسكنة بسبب الحالة النفسية لهؤلاء السكان بسبب ظروف اللجوء الصعبة.