الراعي المثابر عمر آدو
عمر محمد آدو، أب مخلصًا لثلاثة أطفال، وشخصية جميلة من مجتمع قرية تبيلة. ترتبط حياته بشكل لا يمكن فكه بعادات رعاية الأغنام القديمة، والذي يرمز إلى تفانيه وولاؤه القوي. قادمًا من بلكاد ومتجذرًا بعمق في التراث العريق للصومال، اعتنق عمر حياة تتمحور بشكل كامل حول رعاية الأغنام وحماية القطيع، مدفوعًا برابطة لا تُكسر مع الأرض.ولكن القدر قرر بطريقته الخاصة حياة عمر وعائلته. حيث اختاروا الاستقرار في مدينة جيليب، المحاطة بمناظرها الخلابة في ولاية جوبا لاند، بحثًا عن فصل جديد في حياتهم. وهنا انقلب مسار رحلة عمر بشكل غير متوقع حينما بدأت صحته تتدهور.كان السبب وراء معاناته يعود إلى علاج اعتمده على أمل أن يستعيد به نشاطه ولكنه انتهى بتفاقم مشكلة خطيرة – فشل الكلى.
كان عمر بحاجة ماسة إلى المساعدة، تم نقله بسرعة إلى مستشفى ديغفير في مقديشو. كانت الرحلة إلى المستشفى مرهقة، وتمت بسرعة وتصميم لا يلينان. في المستشفى، أجرى جلسات غسيل الكلى للمحافظة على صحته المتدهورة. ومع ذلك، بسبب ارتفاع أعداد المرضى ونقص الموارد، أصبح من الصعب تلبية احتياجات جميع الباحثين عن المساعدة. لكن ذلك لم يثن عمر عن مواجهة هذه التحديات. بدأ بسرعة في البحث عن حلاً شجاعًا وقد أوصلته رحلته إلى مستشفى دالمار، حيث خضع لعشر جلسات غسيل الكلى لدعم كليتيه المتضررتين. مع تقدم علاجه، زادت الأعباء و تراجعت مصادر الدخل وانخفضت أعداد ماشيته إلى أن وصل إلى نقطة لم يعد فيها قادرًا على تحمل تكاليف جلسات الغسيل الكلوي التي كانت تبقيه على قيد الحياة. الأمر الذي أدى إلى إيقاف استقبال المستشفى لعمر وتركه امام خيار مصيري : البحث عن مساعدة من المنظمات الإنسانية أو مواجهة احتمال العودة إلى المنزل ومواجهة مصيره.
عبر رحلته، كان عمر يعاني من مشكلة واحدة رئيسية وهي وطأة القيود المالية الكبيرة والذي تزامن مع تناقص أمواله، واقتراب اليأس منه. فجأةً، طهر الأمل من خلال نقلة مصيرية، شهد من خلالها عمر لطف الغرباء. حيثُ افتتحت الجمعية الدولية لرعاية ضحايا الحروب والكوارث بالتعاون مع مركز الملك سلمان للإغاثة والمساعدة الإنسانية مركز الغسيل الكلوي بمستشفى بنادير في مقديشو – الصومال، و الذي كان بمثابة طوق نجاة لعُمر وآخرين أمثاله ممن دعمهم وقدم له الدواء وجلسات الغسيل المجانية التي ساهمت بشكل كبير في تحسين حالتهم الصحية.
اليوم، يقف عمر كشاهد حي على روح الإنسانية التي لا تعرف الهزيمة. بإصرار لا يلين وثقة لا تتزعزع، متباهياً بقصتهِ التي تحولت من قصة ألم إلى واحدة من الانتصار على كل الصعاب، والعودة إلى الحياة بحماس وامتنان عميق.
لتكُن قصة عُمر تذكيرًا مؤثرًا بفعالية التعاطف فينا جميعًا وقدرتنا على إحداث تغيير ذي معنى. ولنلتمس من قصته الإلهام لنمد يد العون لأولئك الذين في حاجة إليها، و لنقف بجانب الذين يواجهون الصعاب.