الطفل “عاشق النبي” 10 سنوات ترك المدرسة ليعيل عائلته
حمل المسؤوليّة والهمّ مُنذ نعومةِ أظفاره، فهو الابن الأكبر لوالدته، ويعيش مع والدته وإخوته من أمه وزوجة أبيه الذي توفي قبل عدة سنوات، الطفل “عاشق النبي” 10 سنوات واحد من مئات الآلاف من اللاجئين السوريين في لبنان، ترك المدرسة في الصفّ الثّالث الابتدائي، ليبدأ بمرحلة جديدة وصعبة على جسده النّحيل، بدأ عاشق يعمل في تصليح الدّراجات النّارية في أحد المخيّمات ليستطيع مساعدة والدته وأخوته ويلبي حاجياتهم.
صادفنا عاشق حين التقينا به ضمن جلسات الدّعم النّفسي الّتي تقام بشكل يومي في مركز عرسال الصّحي ، حيث كان مع والدته أيضاً وكان يقول لعاملة الصّحة النّفسيّة “ضحى السوقي” التي تابعت حالته عن قرب بكل إهتمام، كل الناس والأطفال الذين حولي يكرهونني كلهم يطلبوا مني الإبتعاد وعدم لمسهم بسبب السواد الذي يكون واضح دائماً على يداي، ولا أحد يعرف أن هذا السواد نتيجة عملي الطويل في غسل وتركيب العجلات للدراجات النارية، أشعر بالوحدة دائماً وهذا مايدفعني لضرب الأطفال وتكسير كلشي أصادفه أمامي بعد كل توبيخ أو استهزاء أتعرض له من أحد، تقول والدة “عاشق النبي” السّيدة “مريم الخضر” في جلسة فردية مع عاملة الصحة النفسية “ضحى السوقي”: ولدي عاشق كثير العنف مع الجميع حتى مع أخوته داخل الخيمة، وحالته النفسية تزداد سوءاً يوم بعد يوم، وهنا بدأت والدته تحضر جلسات الدّعم النّفسي والاستفادة من النّصائح والطرق البديلة لتغير المعاملة لعاشق النبي، وعدم توبيخه وانتقاده امام إخوته وأطفال المخيم، وعدم مقارنته بأحد من اقرانه، ركّز فريق الدّعم النّفسي على التعامل مع عاشق بطرق تربية إيجابية ووضع نقاط للحدّ من عصبتيه وشدّد الفريق أيضًا على دور الأهل وخاصّة الأمّ لأنّ عاشق يفتقد والده ويفتقد الشعور بالأمان، ويجب عليها أن تعوضه عن فقد والده خضع عاشق لعدد من الجلسات والنّشاطات التعليميّة لتعريفه كيفية ضبط انفعالاته والتّعبير عن مشاعره بطريقة إيجابية، مع نشاطات حركية لتفريغ الطّاقة السّلبيّة لديه بطريقة إيجابيّة، في نهاية كل جلسة مع عاشق يرسم وجه ليعبّر عن مشاعره، بعد أكثر من جلسة بدا عليه شعور الإرتياح والطمأنينة و بدأ يسيطر على انفعالاته والتّحكم بعصبيه وغضبه، وبدت ابتسامته الطّفوليّة تظهر على مُحيّاه فانقلبت حياته للأفضل بشكل كامل، كما قالت لنا والدته التي شكرت فريق الدّعم النّفسي والعاملين في مركز عرسال الصّحي على رحابة صدرهم وصبرهم على ابنها حتى تخلص من جميع مشاكله النفسية، فقد عاد عاشق إلى مقاعد الدّراسة وأصبح لديه أصدقاء جدد وبدأ مرحلة جديدة في حياته، على أمل أن تكون مرحلته عنوانها “نحو إنسانية بلا حدود”